خرج عشرات الآلاف من الأشخاص إلى شوارع بوسطن أمس (السبت)، للاحتجاج على مسيرة حملت اسم «حرية التعبير» شارك فيها متحدثون من اليمين المتطرف، بعد أسبوع من مقتل امرأة في مظاهرة لأنصار تفوق العرق الأبيض في فرجينيا.
وكان منظمو مسيرة «حرية التعبير» وجهوا الدعوة لعدد من المتحدثين من اليمين المتطرف واقتصر تجمعهم على منطقة صغيرة حددتها الشرطة في متنزه بوسطن التاريخي للفصل بين الجانبين. وتفادت المدينة تكراراً لمعارك الشوارع الدموية التي وقعت الأسبوع الماضي في تشارلوتسفيل في ولاية فرجينيا.
وأشارت تقديرات الشرطة إلى احتشاد حوالى 40 ألف شخص في الشوارع المحيطة بأقدم متنزه بالبلاد. وأمضى المسؤولون أسبوعاً للتخطيط لتأمين الحدث، وحشدوا 500 شرطي بينهم كثيرون على متن دراجات، وأقاموا متاريس، ووضعوا شاحنات قمامة كبيرة في الشوارع على امتداد المتنزه، بهدف منع وقوع هجمات بسيارات، على غرار ما حدث في تشارلوتسفيل وأوروبا.
ولم يشارك في المسيرة أكثر من بضع عشرات من الأشخاص، ولم يتسن سماع صوت المتحدثين بسبب هتافات المحتجين المناوئين لهم والطوق الأمني الواسع بين الجانبين. وانتهت فعالياتها قبل حوالى ساعة من الموعد المقرر لذلك.
ولدى مغادرتهم، أحاط بهم المحتجون وصاحوا قائلين «عار»، و«عودوا إلى دياركم» وقذفوهم بزجاجات المياه البلاستيكية. ورافقت الشرطة عددا من المشاركين في التجمع اليميني، وسط الحشود وتصدت في بعض الأحيان للمحتجين الذين حاولوا إيقافهم.
وفي الاشتباكات التي وقعت في مطلع الأسبوع الماضي في تشارلوتسفيل، قتلت امرأة في واقعة دهس بسيارة بعد اشتباكات عنيفة في الشوارع، ما صعّد من توترات عنصرية متأججة بالفعل، بسبب تزايد جرأة جماعات مناصرة لتفوق البيض على تنظيم مسيرات في أنحاء الولايات المتحدة.
وأثار العنف في تشارلوتسفيل أكبر أزمة داخلية حتى الآن للرئيس ترامب الذي أثار الغضب عبر أنحاء الطيف السياسي لعدم تنديده على الفور بالقوميين البيض، وإشادته بـ «أشخاص رائعين للغاية» من الجانبين.
وأثنى ترامب على «تويتر» بالمحتجين في بوسطن وقال «أريد الإشادة بالكثير من المحتجين في بوسطن الذين تحدثوا ضد التعصب والكراهية. بلدنا سيتحد قريبا كجزء واحد. بلدنا العظيم شهد انقسامات على مدى عشرات السنين. أحيانا نحتاج للاحتجاج من أجل العلاج وسنتعافى ونكون أقوى من أي وقت مضى».
من جهته، دافع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أمس عن ترامب الذي انهالت عليه الانتقادات، واستبعد الاستقالة من منصبه.
وكتب منوتشين في بيان نشره على حسابه في «تويتر»: «على رغم أنه يصعب علي التفكير بأنه يتوجب علي الدفاع عن نفسي في شأن هذه المسألة، سواء أنا أو الرئيس، أرى لزاماً علي أن أقول لكم ان الرئيس لا يعتقد بأي شكل من الاشكال بان المجموعات النازية الجديدة او المجموعات الاخرى التي تنادي بالكراهية والعنف، متساوية مع المجموعات التي تنظم تظاهرات سلمية وتحترم القانون».
وكان منوتشين يرد على رسالة وجهها أكثر من 350 من قدامى طلابه في جامعة ييل وطلبوا منه فيها ان يستقيل على الفور، معتبرين ان هذه الخطوة «واجب أخلاقي».
وأعلن ترامب أمس أنه لن يشارك في تسليم جوائز واحدة من أهم الفعاليات الثقافية في البلاد في واشنطن، الامر الذي يؤكد العزلة المتزايدة التي يعاني منها، في ختام اسبوع اعتبر من الاصعب عليه منذ وصوله الى البيت الابيض.
ومع تزايد الانتقادات له من قبل كبار زعماء الحزب «الجمهوري»، واستقالة اشخاص من عالم الاعمال من المقربين منه، يبدو واضحا ان الاستياء الكبير ازاء تصريحات ترامب الاخيرة عن اعمال العنف العنصرية في شارلوتسفيل لا يزال يتزايد.
وقال قائد شرطة بوسطن ويليام ايفنز أمس في مؤتمر صحافي في شأن الجدل القائم حول اليمين المتطرف، واعمال العنف العنصرية التي تشهدها البلاد منذ احداث شارلوتسفيل «ان لهجة التخاطب المستخدمة حاليا نقلت الوضع الى مستويات اخرى وهذا ما يقلقنا»، مضيفا: «لم ار يوما هذا العدد الكبير من الاشخاص الذين يسعون الى المواجهة».
وعندما قررت الراقصة الاميركية كارمن دي لافالاد رفض المشاركة في الاستقبال في البيت الابيض بمناسبة تسليم اهم جوائز فنية في واشنطن في الثالث من كانون الاول (ديسمبر) المقبل، بررت رفضها بـ «الخطاب المغذي للفرقة» الذي تستخدمه ادارة ترامب.
وقبل لافالاد كان المخرج نورمان لير أعلن انه لن يشارك في هذا الاحتفال. أما المغني ليونيل ريتشي فاعلن قبل ايام انه يحتفظ برده على الدعوة بعد الجدل الذي ثار حول هذه المسألة.
وامام هذه الاعتذارات قرر الرئيس الاميركي عدم المشاركة في احتفال تسليم الجوائز.
وسارع المسؤولون عن «كينيدي سنتر» راعي هذه الاحتفالية، الى الترحيب بقرار البيت الابيض. وجاء في بيان عن المركز «ان الادارة الاميركية بقرارها عدم المشاركة في النشاطات هذه السنة انما كشفت مشكورة احترامها لكينيدي سنتر ما سيتيح بقاء هذه الاحتفالية مناسبة مستحقة للفائزين بالجوائز».
وتداركا للازمات المتلاحقة منذ احداث شارلوتسفيل، حاول ترامب صرف الاهتمام عن تصريحاته الاخيرة التي فسرت بانها متساهلة مع العنصريين، فجمع فريقه للامن القومي في كامب ديفيد لدراسة الاستراتيجية الواجب اتباعها في افغانستان.
وقالت إدارة شرطة بوسطن إنه جرى اعتقال 33 شخصا بعد اشتباكات ألقى فيها بعض المحتجين الحجارة وزجاجات من البول على شرطة مكافحة الشغب. ودان منظمون لمسيرة أمس في بوسطن الرسالة التي يتبناها أنصار تفوق العرق الأبيض وأعمال العنف في تشارلوتسفيل وقالوا إن احتجاجهم سلمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك يسرنا