جزائر العزة والكرامة

 بقلم : فاطمة حمرالعين
حيث أنا خارج دائرة النور تماما لم يبق من جزائر العزة والكرامة الا تأوه ولوعة ذكرى حزينة
هل كانت وردة مختلة عقليا لما غنت ما غنت ؟
ألم تسمع صراخ الياس ينبعث من الجدران المهترئة ، حشرجة حي يموت ألم ترى ماساة شعب ، نصف أو ربع انتمائها له ؟
مازال فقط اسم الجزائر القاسم المشترك بيننا ربما لو استطاعوا لتنصلوا منه ولقطعوا ذلك الخيط الذهبي الذي يجمعهم وايانا ..
نحن مواطنون من الدرجة الثانية عفوا العاشرة بعد الألف وهم وحدهم الدرجة الأولى ..نحن الغوغاء ..الشعب.. الغاشي وهم النخبة ..نخبتنا ..هاء هاء

تميزوا عنا في المأكل والمشرب والوظائف والمسكن والسيارات والعطل والأجر وحتى الهواء الذي يتنفسونه أشك أن يكون ربعه ثاني الأكسجين وأربعة أخماسه ثاني الأزوت
من أقصد ؟ و من غيرهم ؟؟ الملائكة الأطهار!! عفوا زلة لسان..
أقصد شرذمة اللصوص التي تحكمنا ،التي وضعت النير في أعناقنا واضطهدتنا واحتقرتنا ،بعد أن قذفتنا ذات الأرحام الى نفس الغبار و نفس الهواء ..
استحوذوا على أجمل ما في الجزائر : العزة والكرامة وما تبقى رموه لنا نتخاصم عليه ككلاب مسعورة ينهشها الجوع الكافر ..
حيث نذهب قصب السبق لهم ، لدينا المؤهلات العلمية والمهنية ولديهم الدراهم التي تشري الضمائر النصف ميتة والربع ميتة والعشر ميتة .
يحصلون على الوظائف بمكالمة تلفونية وتحفى منا النعال وتهترئ من الركض بلا جدوى وراء وظيفة أو عقد عمل أو حتى استخلاف

كذابون ..منافقون ..محتالون ..لصوص .. في بدلات جميلة باهظة الثمن وسيارات فارهة ونحن مقاومون.. أعزة ..شرفاء.. في ثياب رثة ، نجري جري الوحوش دون أن نصل الى نهاية ..كأننا نراوح في ذات المكان لا نبرحه قيد أنملة

واذا ما اشترينا سيارة نظل العمر كله ندفع أقساطا غير مريحة من أجرة مريضة بالكساح ومصابة بالهزال الشديد ليست كأجرتهم المترهلة
المهابة والتقدير والاحترام والاكبار لهم و لنا دونهم الذل والاحتقار والجوع وأمراض الفقر من جرب وتيفوئيد وقمل وهلم جرا
نحن نمر مرور الكرام لا يحفل بنا أحد لا يشير الينا أحد بل لا يرانا أحد .. وتطلى جدران المباني والبيوت لهم اذا ما جاؤوا في زيارة
وتزرع الأشجار لهم في غير آوانها ويشذب ما لا يشذب لهم .. و حتى الصواري تزين بالأعلام الصغيرة لهم ، و الحفر لنا والماء الملوث لنا و أزمة السكن لنا و البطالة لنا و الارهاب لنا
نحيا ونموت في الطوابير أشباه بشر .. ولا بشر.. أما هم فيتمتعون بعرق الشعب ومال الشعب وحسرة الشعب وغباء الشعب واذا ما ماتوا ، تقام لهم سرادقات العزاء من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى أعماق بؤسنا .
يعيشون كالسلاطين في بلد ديمقراطي ويموتون كذلك.. و نعيش جثث لنموت كذلك في سرية تامة 

لو أن كل من يسرق تقطع يده لكان تسعة أعشار مسؤولينا بلا أيدي هاء هاء
لو أن كل المخالب تقص حين تمتد الينا بالأذى والاهانة والاذلال ما عجت الجزائر بالوحوش الكواسر في الادارات والمؤسسات العمومية والخاصة والمدارس ولما جلسنا كالعبيد وقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا

أحلم بيوم نكف فيه عن التأوه في صمت ونصرخ جماعيا من الطاسيلي الى جيجل الى أخر ذرة تراب في الجزائر، نصرخ لا لنهدم الاستقرار الهش بل للرقي بأمة كانت يوما عظيمة .
أحلم بيوم نرد فيه الصاع صاعين ولا نبق نقاسي أنواع السخرية والاحتقار منهم ..
ليس بالفوضى الجايحة و قطع الطرق و الكسر و الحرق و بقية العبث بل بالوعي و الالتزام و الصرامة .
أحلم بيوم نتجاسر فيه ونقول لا لجميع صنوف الظلم و التزوير من أي كان
أحلم بيوم يحاسب فيه المسؤول حسابا عسيرا حتى يظن أنه يوم التلاقي وما من تلاقي
أحلم بيوم لا أسمع فيه هذا الكليشيه : " المدير يتمتع بجميع الصلاحيات "

هل أنا مختلة عقليا ؟ هل قال عبدو درياسة " ارفع رأسك يا با " عبثا ؟ هل جاءت " ارفع رأسك يا با " من فراغ ؟