وحدة امرأة وحدة انسان


أغلق الأبواب والشبابيك في وجه الشمس لا أسمح لنورها أن يراني وأنا جريحة أنزف دما افتراضيا
الخجل هو الذي يدفعني دفعا الى التستر فلا يمكن أن تراني الشمس ضعيفة أو في موطن ضعف
أداري لحظات ضعفي فلا أقبل أن يشاهدها أحد أو يطلع عليها أحد
أدري أنني لست امرأة خارقة وأنه لا وجود للانسان الخارق (Superman)
لكن ماذا عساني أفعل وقد تربيت تربية صارمة وقاسية جدا من طرف أبي..تربية عسكرية مرهقة ووعرة المسالك..
أبي كان رجلا مكافحا قويا ريحا عاتية أتت على كل أخضر في... وأد الرومانسية والعذوبة في الأنثى التي هي أنا لم يقتل الأنثى قتلا حقيقيا لكنه ذبحها معنويا..

لم يكن بيتنا بيتا تقليديا كان ثكنة عسكرية فيها جنرال طاغية هو أبي وجنود مساكين جنود صغار ..وهم أنا وأخي وجندي آخر ضعيف الشخصية تماما هو أمي ..
أمي كانت ساقية صغيرة عذبة ومطواعة وصابرة ولها أحلام صغيرة جدا ....شتان بين شخصية أبي العملاقة وشخصية أمي المسالمة الى أبعد حدود المسالمة .
أبي كان جبارا عتيا وأوامره غير قابلة للنقاش..
وقد عاث في زرعنا فسادا ولم تستطع أمي أن تحمي براعمها من لذاعته وهمجيته التي تشبه همجية الغزاة الفاتحين..

لا أبكي ولا أعرف الدمع الا نادرا ..أبي لم يبكي يوما حتى في عز الأزمات ..ظننت أنني سأشبه أيا كان الا أبي من فرط قسوته وصرامته فاذا سخرية الأقدار تجعل مني نسخة طبق الأصل عنه
هو أعسر وأنا عسراء وفي عائلة متكونة من أيمن ويمنى فقط لا أعسر سوانا..حقيقة ومجازا..
هو كان طاغية وأنا بصدد التحول الى طاغية أخرى بعد كفاح مرير خضت غماره مند أن وعيت ...هههههههههه رحلة العذاب الطويلة كانت نتيجتها مخيبة للأمال .لأمالي أنا ..ما رفضته وحاربته في أبي أصبح يسكنني ولصيقا بي أشد اللصوق..

وتربيته التي خنقت بقرسها عذوبتي خنقت أيضا دموعي فجفت غددي فلا يهمي منها الا التراب
أشعر بالغربة وسط أهلي ..حين لا تستطيع أن تزيح القناع الذي تتخفى به عن أعين الآخرين ..كبرياء أو خجلا .. فأنت والمغترب سواء...بل أنت أسوء حالا فلا غربة كغربة الروح .

وروحي تنوح في الأجواء من وجع لا ينفك يلاحقها حتى في أجواز الفضاء البعيدة...
لا هزيمة كهزيمتي ..مات أبي لكنه مازال يحيا في شئت أم أبيت..من كان يصدق أن ذلك الجندي المسكين الذي شبع ضربا وسخرية وسبابا سيصبح يوما جلادا كجلاده ذاك ؟؟؟؟؟
ويمزق بسياطه بتلات الورد دون أن يشعر بوخز السوط وبعذاب الزهر الهش